صانعة المحتوي “فتحية جمال عثمان ” : الفكرة من فيديوهاتي عكس الوضع الكارثي لحرب السودان.
نحن جيل الألفينات خُلقنا من طين التعب ووجع المُعاناة.
بسبب الحرب في السودان تركت الدراسة ولكن..
حلميةأن أصبح مُذيعة في كبري القنوات يُشار إليها ببنان النجاح.
إسكات صوت البندقية وتحقيق السلام من أجل إنسان السودان.
حوار : محاسن عبدالله
طالبة جامعية في مُقتبل العمر ، يافعة مُجتهدة مُكافحة مُتقدة حيوية وشُعلة من النشاط ،تركت دراستها بجامعة (فيوتشر) قسم إدارة الأعمال بسبب الحرب اللعينة في وطنها السودان ، لجأت وأسرتها إلي مصر قبل أن تختار مجال صناعة المحتوي علي مواقع التواصل الإجتماعي بتقديم فيديوهات تعكس من خلالها الواقع والمُشكلات الإنسانية والإجتماعية المُتعلقة بحرب السودان ومعاناة المواطنين وتقديم الحلول و مواضيع أخري مُختلفة.
إلتقيناها خلال هذا الحوار لإلقاء الضُوء على تجربتها والعقبات التي تواجهها وخططها ومشاريعها المُستقبلية .
بداية …حدثينا عن مجالك دراستك وأثر تركها علي نفسيتك* ؟
أنا كنت طالبة أدرس في جامعة (فيوتشر) بالخرطوم قسم إدارة أعمال المستوي الثاني ، تركت الدراسة بسبب إندلاع الحرب في العاصمة الخرطوم ، غصباً عني.. حالي هوحال ملايين طُلاب الجامعات الذين فقدوا فرصتهم في الدراسة وأصبحوا هائمين علي وجوههم مابين التشرد والنزوح وأثرها علي نفسي سئ جداً ولكن لن أنكسر
هل يراودك إحساس أنكم جيل الألفينات لم تنالوا حقوقكم كاملة في الحياة والتعليم وظلت المُعاناة تتقدمكم؟
نحن جيل خُلقنا من طين المُعاناة توقفت دراستنا الثانوية لعوامل عِدة ومُختلفة وبعد جُهد جهيد وضعنا أولي خطواتنا في السلم الجامعي قامت الحرب، نحن جيل غابت عنا كثير من الحقائق والمعلومات حتي كدنا أن نصبح بلاهوية ، جيل تائه بلا توازن لم نجد من يمد لنا يد العون لأن الذين من المفترض أن يفعلوا ذلك إنشغلوا بالمعيشة وتوفير لقمة العيش وجرعة الدواء كانت تلك أقصي أحلام كبارنا من السادسة صباحاً إلي السادسة مساءً وضعنا نحن تحت أرجل الضروريات ومستقبلنا أصبح عبارة عن كماليات
فكرة تقديمك فيديوهات مُتعلقة بالحرب ومعاش الناس…الهدف منها؟
بدأت الفكرة بعد إندلاع الحرب في الخرطوم وأول فيديو لي كان بعد مرور شهر علي الحرب سجلته من داخل منزلنا في الخرطوم تحت أصوات الرصاص والدانات، طالبت من خلاله إيقاف الحرب التي لم نجني منها خيراً ، بعدها تواصلت الفيديوهات التي تعكس الوضع الإنساني الكارثي والحزين الذي يعيشه أهل السودان في مناطق نزوحهم وتشردهم تلاحقهم لعنات القدر مُكبلين بآهاتهم وأوجاعهم
إختيارك للمواضيع …هل هناك أولوية؟
كنت دائما ً ما أتناول عدد من المواضيع التي تتعلق بنا كجيل الألفينات مثل التعليم ومواكبة تكنلوجيا العصر والمشاكل التي نُعاني منها والفجوة التي أحدثتها الظروف السياسية المعقدة في مُجتمعنا ، ولكن بعد الحرب أصبحت الأولوية هي المُناداة بالسلام وإسكات صوت البُندقية وإنقاذ مايُمكن إنقاذه حتي يتعافي الوطن الجريح وتعود عافية إنسانه المُتهالك
إحساسك بالتشرد ومعاناتك الشخصية مع النزوح واللجوء؟
طبعاً إحساس صعب ومؤلم وأنت تحمل بطاقة لاجئ ، وقبلها كُنا نحمل الوطن في قلوبنا قبل أن نحمله إسماً في أوراقنا الرسمية ، نزحت وأسرتي من الخرطوم بعد أن ضاقت بنا إلى ولاية الجزيرة ثم بورتسودان حتي وصولنا جمهورية مصر ، خلال فترة النزوح تلك عشنا مُعاناة لا تُحتمل وخوف لايُمكن التعبير عنه عندما تكون مُعرضاً للموت تحت أية لحظة بسبب القذائف الطائشة التي دائمآ ما يكون ضحيتها المدنيون
هل تراجعت خططك المستقبلية وشعرتي باليأس بعد تخليك عن مستقبلك الدراسي في السودان بسبب الحرب؟
أبداً …عندما وصلت مصر شرعت وأسرتي التسجيل لدي مفوضية العون الإنساني لتسهيل عملية الحركة والتنقل ،ومن بعدها بدأت في رحلة البحث عن عمل وبالفعل وجدت ولكن بعد تعب شديد ، فكرت في الدراسة مرة أخري بعد أن علمت أن إدارة الجامعة إفتتحت فرع لها بالقاهرة ولكن لم أتوفق فاتني التسجيل ،بدلاً من إضاعة الزمن سارعت بالتسجيل في معهد لتعليم اللغة الإنجليزية مساء والعمل في مول لبيع للملابس صباحاً ، الآن هناك محاولات عِدة في البحث عن منحة دراسية عسي ولعل أحقق حلمي بالدراسة والعمل في مجالي
ماهي أحلامك وطموحاتك في المستقبل؟
بالرغم من دراستي لإدارة الأعمال التي لم تكتمل، أعشق العمل في مجال الأعلام ،أتمني أن أكون مذيعة في كبري المحطات الفضائية، في الجامعة كنت أقوم بتقديم البرامج والإحتفالات الكبيرة ،أتمني أن يتحقق حلمي وأصبح مُذيعة يُشار إليها ببنان الشهرة والنجاح.
في رأيك…هل ستقف الحرب في السودان؟
إذا أصغينا لصوت العقل بالتأكيد ستقف ، صوت العقل يقول لابد من تفاوض لإيقاف صوت البُندقية و”أرضاً سلاح”
رسالة مفتوحة؟
رسالتي لمن يتولون زمام الأمور في السودان، حكموا صوت العقل وأوقفوا الحرب ، لا مُنتصر في هذه الحرب اللعينة والخاسر هو المواطن المغلوب علي أمره
رسالة أخيرة للسودان؟
عن عشقي لتراب وطني السودان أستعير بعض الأبيات الشعرية للشاعر الفذ محمد مِفتاح الفيتوري الذي قال:
هذه الأرض التي أحملها ملء دمائي..
والتي أنشقها ملء الهواء
والتي أعبدها في كبرياء..
هذه الأرض التي يعتنق العطر عليها والخمول..
والخرافات وأعشاب الحقول..
هذه الأسطورة الكبرى بلادي