الرئيسيةلقاءات

الصحفي السوداني المُصادم “شوقي عبدالعظيم” في حواره  مع (الخرطوم ديلي) : مصير الصحافة في السودان في أسوأ أوضاعها أثناء الحرب وما بعد الحرب

إذا إستمر الوضع هكذا سنحصل علي دولة فاشلة في أسوأ الأوضاع

 

 

هُناك أموال كبيرة جداً تُدفع للتشويه والتخوين والتصنيف

أول إستدعاء لي من عمادة الجامعة بسبب إصدار صحيفة أنا وزوجتي

الصحفيون كانوا مُستهدفين ومُعرضين للخطر منذ بداية الحرب

الطرف الثالث من النظام البائد كان يمُد بأسماء الصحفيين  لقوائم  التهديد والتخوين

نقابة الصحفيين السودانيين من أوائل الجهات التي إنضمت لمبادرة (لا للحرب)

يجب علي بعض الصحفيين التمييز بين (الباشكاتب و(الصحفي )

عندما يفوت الضغط حده علي الصحيفة من الجهات الساخطة عليّ..يتم التخلص مني بطريقة لطيفة

زوجتي “أمل هباني” صحفية في قمة المُصادمة تعرضت للمُضايقات والسجون

أستعد لإصدار كتاب عن فترة الإنقاذ وعلاقتها بالصحافة والحريات

حوار / محاسن أحمد عبد الله

التقت (الخرطوم ديلي) بالصحفي السوداني الكبير “شوقي عبدالعظيم” بمقر إقامته بالقاهرة التي لجأ إليها بعد إشتعال الحرب في السودان

تناولنا خلال هذا الحوار عدداً من الموضوعات والقضايا المُتعلقة بمستقبل الصحافة والصحفيين السودانيين والمخاطر التي تواجهها بعد إندلاع الحرب .

في البداية كان لابد من مدخل تعريفي لضيفنا الكريم عن المولد والنشأة ، وهُنا يقول “شوقي عبدالعظيم”  🙁 أنا من جنوب كردفان ، أنتمي جداً لجبال النوبة ، إتولدت في “كلوقي” وهي كانت فرصة عظيمة بأن تعرفت علي مُجتمع مُختلف بكل محبة ، أحمل محبة شديدة وخاصة لجبال النوبة ، أمي إتولدت في كردفان ، وإصولي من وسط السودان من النيل الأبيض ، تربيت في منطقة سوبا ، دائما ما أقول إن هذا التنوع كان مُؤثرا في شخصيتي ، أنا مناطق مُختلفة من حيث الأجناس ، في السودان أنا قومي

تدرجت في التعليم ودرست في جامعة الخرطوم كلية الآداب ، بدأت الصحافة من الجامعة كطبيعة كل الطلاب بجامعة الخرطوم كانت لدينا صحيفة أنا وزوجتي الصحفية أمل هباني ،أول إستدعاء حصل معي في الجامعة من عمادة الجامعة ،بسبب كيف أصدر صحيفة، أذكر وقتها حضور بروفيسور  إنتصار صغيرون واخبرونا أنه لابد أن يكون هناك  علي الأقل رئيس قسم يُوافق علي الصحيفة ويكون مسؤول منها ، ووافقت هي أن ترعانا رغم رفض الآخرين.

إذاً هكذا كانت البدايات لعالم الصحافة؟

نعم ،بدأت  من الصحافة السياسية والأخبار  وأول صحيفة عملت فيها رسمياً “الأخبار” فترة محمد لطيف ، بعدها تدرجت في عدد من الصحف (الخرطوم ، الأحداث، اليوم التالي، الجريدة) بعدها إتجهت للعمل التلفزيوني في قناة سودانية ٢٤ ، كُنت مسؤول من برنامج تحقيقات (عين علي) ومحلل سياسي ، ثم إتجهت لصحافة السوشيال ميديا والآن لدي مواقعي الخاصة.

تُعتبر الفترة التي عملت فيها وزملاء آخرين ..مُعقده وصعبة من حيث الرقابة والقمع والإعتقالات؟

نعم، نحن عملنا في فترات القمع الشديد ، تعرضنا للرقابة القبلية والرقابة البعدية ، عايشنا تلك المرحلة التي خلقت لنا تجربة ثرة جداً في الصحافة ، تعرضنا للإستدعاءات والإعتقالات والمصادرات كُلها صقلت تجربتنا الصحفية ، الآن نحن جيل من الصحفيين المُصادمين أنا وزملائي الذين دخلنا الصحافة في تلك المرحلة ، نُعتبر جيل من الصحفيين المُصادمين ذهنيتنا مُركبة علي التصادم لإننا إشتغلنا صحافة في ظروف صعبة جداً ، ظِروف قمع شديدة كانت في فترة الإنقاذ ، أنا الآن أقوم بكتابة كتاب عن فترة الإنقاذ  وعلاقتها بالصحافة والحريات.

في رأيك..هل دور الصحافة والإعلام في تسليط الضُوء علي مايحدث في السودان..قوي أم ضعيف؟

ضعيف بشكل كبير ، لأن المؤسسات الإعلامية تأثرت بالحرب تأثيراً مُباشرا والحاجة الأساسية في التأثير وجود الكادر الصحفي نفسه الذي أُضطر للخِروج من السودان بعد تعرضه لكثير من الإنتهاكات ، وكان مُستهدف مُنذ بداية الحرب ،كل القوائم كانت تصدر من جهات مجهولة تخون وتُهدد كان دائماً يكون في وسطها عدد من الصحفيين ، أما مسألة إستدعاء الصحفيين بدأت مُنذ إنقلاب ٢٥ إكتوبر  أصبحت هنالك أزمة وبدأت تتصاعد مع الصحفيين في بعض الأحيان، فبدأوا يعملون عن طريق  صفحاتهم ومُبادراتهم الشخصية لأنهم بعد ٢٥ أكتوبر وجدوا مُضايقات شديدة واعتقالات ، كنت واحد منهم لكن بعد قيام الحرب كانوا مستهدفين من جهات مجهولة وهو الطرف الثالث من النظام البائد الذي كان يمد بأسماء الصحفيين في قوائم تخوين وتهديد ، وذلك أثر علي التغطية الصحفية لعدم وجود الصحفي داخل السودان ، الشئ الآخر طبيعة الحرب نفسها كانت طبيعتها عشوائية لم  يراع فيها القانون  الدولي ولاغيره وقت الحرب ، لذلك الصحفي لم يجد إحساس الأمان في تلك المناطق لذلك إعتمدنا في التغطية علي قليل من القنوات الفضائية  والعربية والإقليمية في مناطق وفرت الحماية لبعض الصحفيين كانوا المصدر الأساسي للمعلومة لذلك كانت التغطية ضعيفة جداً.

الصحفي بطبعه مُحايد.. الآن هناك تشتت واضح  في المواقف مابين(لا للحرب ، بل بس…الخ ) أكثر من قولنا  مُحايد توضيح الحقائق ؟

هذه الحرب فيها مواقف حدية إنقسم حولها المجتمع ،مثل أن تستمر هذه الحرب ضد الجنجويد وإزالتهم من الوجود، وكلفت هذه المسألة الآخرين الذين كانوا يرون حل هذه المسألة عن طريق سياسي أو طريق نِقاش ،

النظام البائد حاول يروج الموقف الأخلاقي من أطراف الحرب ،

بمعني عندما تقول أنك ضد الحرب هذا يعني إنك مُساند للجنجويد ، مع أن عبارة (لا للحرب) لم يكن فيها أي حمولة أخلاقية لطرف لم تقول (الجيش كويس أو كعب ،ولا الجنجويد كويس ولا كعب) كانت تقول الحرب سيئة ، لكن محاولة شيطنة الآخرين خلق إستقطاب حاد داخل المجتمع الصحفي نفسه  الذي لم يسلم من هذه المسألة ، وأدي لتصنيف الناس لكن في الواقع عند قياس المواقف في غالب الأحوال الصحفيين ليسوا كذلك ، خاصة التيار العريض الذي تُمثله نقابة الصحفيين من أول الجهات التي إنضمت لمبادرة (لا للحرب) ، فعلاً المُجتمع الصحفي تم تصنيفه ووقع داخل دائرة الإستقطاب ، لكن شخصياً أري نقابة الصحفيين وعدداً كبيراً من الصحفيين الذين يقولون (لا للحرب) ليس دعماً للجنجويد أو الدعم السريع.

دور نقابة الصحفيين السودانيين في إيقاف الحرب؟

دور النقابة أنها  وقفت الموقف الذي وقفته كثير من الأجسام النقابية لحماية الناس ،المُبادرة التي حصلت في ٢٧ أبريل البداية كانت  من لِجان مُقاومة بحري ، النقابة إنضمت للموقف بأن يكون هُناك سلام بإيقاف الحرب والعودة للتفاوض وهذا هو الموقف الأساسي ، بعدها الكتلة تطورت لإجسام كبيرة ، كُتلة لا للحرب بدأتها لِجان المقاومة ثم إنتقلت للحُرية والتغيير ثم إنتقلت لإجسام كبيرة جداً تمظهرت في “تقدم” في المؤتمر التأسيسي لتقدم ، الذي كانت فكرته الأساسية معاً لإيقاف الحرب ، النقابة وجدت نفسها جزء من فكرة إيقاف الحرب.

مصير الصحافة والإعلام السُوداني من تشتت وإنتهاكات ومُضايقات…ماذا يحدث للصحفيين من كل الأطراف؟

الصحفيين السودانيين أوضاعهم سيئة جداً لأنهم في الصفوف الأمامية لتوضيح الحقائق بالتعبير عن الآراء والمواقف ، مع تنامي العنف في السودان والحرب أول مؤشراتها تنامي العنف في المجتمع أي شخص يقول رأي مخالف لك إذاً هو يمكن أن يتعرض للخطر ، لذلك ألصحافة الآن  في السودان في وضع الخطر مُحتاجة لعمل كبير حتي يعود العمل الصحفي مُتعافى ، نحن مُحتاجين لمجهود كبير جداً ،مصير الصحافة في أسوأ أوضاعها أثناء الحرب ومابعد الحرب ، في أوقات الحروب في كل العالم  ترتفع نسب تعرض الصحفيين للعنف وللقتل ، لذلك الصحافة في السودان مُحتاجة أن تُراعى بعين خاصة ، لأن في تنامي العنف أول المُتاثرين وسائل الصحافة والإعلام والصحفيين أنفسهم، نحن في وضع يحتاج لِمُعالجة وإنتباه.

في ظل الإنهيار الذي يحدث …السودان إلي أين؟ ..ماهي تخوفاتك إذا إستمر الأمر بهذا الوضع؟

اذا إستمر الأمر هكذا سنحصل علي دولة فاشلة في أسوأ الأوضاع ، الدولة الفاشلة أسوأ من الإنقسام ، الإنقسام تحصل له معالجات لكن عندما تتحول لدولة فاشلة  تكون مراكز رؤوس  متعددة وجيوش ومراكز قرار متعددة وسياسات مُتعددة ومُختلفة  تُسمي الدولة الفاشلة ، أخشي علي السودان أن يذهب نحو الدولة الفاشلة فهو المصير السئ جداً الذي تخلفه الحروب وحدث في كثير من الدول ومعالجته مُكلفة جداً ، بالنسبة للإنسان.. والحياة في البلد تصبح شديدة الصعوبة.

رأيك في خطاب التعبئة و”صندقة” العقول؟

تشويه فكرة الإعلام نفسه، هُناك أموال كبيرة جداً تُدفع للتشويه والتخوين والتصنيف ، لايُخاطبون الرِسالة بل المُرسل.

إذا عاد السودان.. هل ستعُود الصحافة الورقية ..أم أن الحرب وضعت لها حد نهائي وتم تشييعها لمثواها الأخير وإعلان صحافة جديدة (مواقع إلكترونية، بوداكاست…الخ)؟

أفتكر لو كان هناك صحفيون أذكياء يتعاملون بِذكاء شديد جداً ، هُنالك فرصة كبيرة لإنجاح صحافة ورقية لكن مُحتاجة لمهارة كبيرة من حيث التصميم والمواكبة والتحليل ، لأنها ستعمل علي مواد ربما ستختلف عن صيغة الصحافة القديمة في تناول الأخبار ، مازال هناك قُراء للصحافة الورقية ومازالت مصداقيتها عالية ومصدر للتحليل ومصدر لما وراء الخبر ، أعتقد هُناك فرصة كبيرة لأكثر من صحيفة ورقية لتنجح بعد الحرب و تُعبر عن أشياء كثيرة وتحليلات عميقة وكتابات رصينة ، بالتأكيد وقطعاً ليست بالطريقة القديمة  لأن السوق التنافسي سيكون محدود.

دائماً مايتم تصنيفك بأنك مُثير للجدل ومُشاكس؟

نعم.. أنا دائماً ما أوصف بذلك لأنني إتخذت لي طريق في الصحافة  لا أعمل الشغل السهل دائماً ما إختار العمل الذي فيه صعوبة ، توجهت نحو التحقيقات الإستقصائية خلال فترة من حياتي أتناول دائمآ القضايا المُثيرة للجدل ، أبذل فيها مجهودا كبيراً في عملي لذلك يخرج مثيرا للجدل وفيه كثير من المُشاكسات وهي مُهمة الصحفي الحقيقي، دائماً ما أقول للصحفيين لابد من أن نميز ما بين الباشكاتب والصحفي ، أنت ليست مُهمتك أن تكتب، مُهمتك تشتغل صحافة وأنا معروف في الصحافة بإني مُقل لا أعمل كثير لأني أركز علي العمل النوعي لأنه دائما يُثير الجدل ولأن القضايا التي أُثيرها تُثير الجدل ، لدي قصة قديمة مشهورة مع أحد المسؤولين في الدولة إلتقيته وقلت له 🙁 بضرب ليك كتير مابترد علي ) قال لي: (أضرب لي عشان احفظ رقمك ) لما ضربت ليه ظهر  ليه أسمي بي شوقي كارثة ضحك وقال لي ( أنت كارثة، أنا كيف يعني أرد ليك؟)

بالتأكيد تسبب هذا الأمر في تعرضك للمُضايقات؟

كثيراً جداً أكون في المحاكم ، كان أول إجراء يُتخذ لإيقاف النشر كان يتم فتح بلاغ ضدي وشكوتي لدي مجلس الصحافة

تعرضت للإعتقالات؟

كثير جداً تعرضت الإعتقالات والمُساءلات ، تحدث معي مُضايقات إدارية للخروج من الصحيفة لأنني مرات أأثر  علي الاعلان لأنه يكون هناك عدم رضاء عن الصحيفة خاصة فترة النظام البائد ، في الآخر أُغادر المؤسسة الصحفية نهائياً .

إذاً …هناك إتجاه مؤمن بك وآخر ساخط عليك ؟

بالضبط ..عندما يفوت  الضغط حده علي الصحيفة لا ألوم الصحف ، بل الوم الضغط الحاصل عليها لأنها مُؤسسة إقتصادية في الآخر قد تُحرم من الإعلان أو تسبب لها مشاكل مع المسؤولين ، فيتم التخلص منك بطريقة لطيفة.

الأدوات التي يمكن يتسلح بها المبتدئون في مجال الصحافة ؟

أهم شئ المعرفة ، أي صحفي يريد الذهاب في هذا الطريق عليه أن يتسلح المعرفة والتعامل مع الأحداث والأخبار والمشاكل والتعامل مع القضايا ، وإتساع الأفق والإطلاع، المعرفة تجعل مُنتجك الصحفي مُميز ومُختلف عن الآخرين ، فأنت لست ناقل أنت صحفي برؤية وفهم ومقدرات.

رأيك في تجربة زوجتك الصحفية أمل هباني كتجربة صحفية؟

الأستاذة أمل هباني صحفية في قمة المُصادمة ،صحفية عملت في نفس الأجواء ، هي صحفية شاطرة جداً بدأت بصحافة التحقيقات وإنتقلت سريعاً لصحافة الرأي ، كانت من كاتبات العمود المعروفات في السودان عمود (أشياء صغيرة) شديد التأثير ، خصمت منها جداً كتابة العمود كصحفية في صالات التحرير شقت طريقاً مهماً جداً للصحافيات في كتابة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى