
حالة التوهان ومعاناة الحصول على المعلومة الحقيقية لم تؤثر على الأفراد فقط حتى نحن كمؤسسات عانينا من ذلك لضعف الإعلام المحلي في التغطية الأحداث أولا بأول .
السوشيال ميديا أكدت لي مفهوم قديم وهو أن أول جهاز إعلامي خلق في الدنيا هو (الإنسان نفسه) .
مهمة المراسل الميداني في بلد الحروب خطرة جداً وهو معرض للموت في كل دقيقة .
ظاهرة تقديس الأشخاص أمر مخجل ( يعني شنو ..جيش فلان وجيش علان ) ونظرية الكاهن والقطيع أخطر من الحرب نفسها .
*عدد المراسلين الميدانين في إزدياد والتحية والإنحاء لكل مراسل ميداني يعمل في هذه الظروف .
*اتفق معك علي تجاهل الإعلام للأزمة الإنسانية التي يعاني منها الشعب السوداني وأن الضوء مسلط فقط على طرفي الصراع.
نحن شعب تسهل قيادتنا وجزء كبير من المجتمع السوداني للاسف ( قطيعي ) كثيراً يسمع ولايعقل (التفكير جمعي وليس فردي )
عانيت من التخوين بشدة ، مرة يطلعوني ( كوزة ) ومرة (قحاتية ) مرة (بل بس ) مرة (لا للحرب ) .
نحتاج لوعي كيف ومن اين نأخذ المعلومة ، لكي نفرق
بين منصات الأجندة والمهنية وشبكات التراند الفارغ
المتابع السوداني مؤثر والدليل على ظهور شخصيات
غير سودانية باتت ترند لمجرد تناولها للحدث أو لمحتوى سوداني فأعتلت الصدارة بريتش المتابعين .
آنا حزينة لحال بلادي ومتألمة لمعاناة شعبي .
المتابع العادي يعيش حالة من التناقضات والدربكة لأن مصدره السوشيال ميديا والتي تعاني تجاذبات وحالة استقطاب حادة.
تمتاز بحدث إعلامي عالي ولماح ، يبين ذلك بقدرتها الفائقة على صناعة الفرق والفوز بالسباق ربما ساعدتها هذه الملكات والإمكانيات في بروز إسمها مستصحبة معها سجلات من نجاحات ، وهذا العطاء الزاخر ، شق لها الطريق للجلوس على مقاعد الكبار وبشكل آخر اسهمت تجربتها كمراسلة ، ميدانية ، التي بدأتها بالعام 2014م في ترسيخ تلك المكانةرغم أن ولوجها لعالم الإعلام كان بالعام 2008 م.
وكان لتقاسم خبراتها التي أخذت شكلين ( الاستديوهات والميادين ) الدورالذي أورثها خصال مهارات المنصة وعبقرية الشوارع.
حدث ذلك وهي في وضع الاستعداد متزودة بالعديد من الدورات المتعلقة ، بنقل الأحداث ومهارات المراسل الحربي ، ودورات في كيفية صناعة الخبر ، والقصة والتقارير الإنسانية
هذه المكتسبات زيادة عليها إرادتها الإعلامية ومهاراتها خاصة قبل العامة، لعبت دوراً بأن تعمل في كبرى مؤسسات الاعلام الخارجي ، الفرنسية24 التلفزيون الحكومي والذي يبث باللغة العربية و الفرنسية و الانجليزية، من باريس ، والتي كانت مراسلتهم من الخرطوم ، بعد ذلك انتقلت للتلفزيون العربي ، والذي كان يبث وقتها من عاصمة الضباب لندن متنقلا بعد ذلك الي الدوحة ا ، وبعد ذلك انتقلت الى تلفزيون الشرق في العام 2020م و هي قناة سعودية تتبع للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام، تبث من دبي ، كانت مراسلتهم في الخرطوم ، من 2020م حتى 2022م بعدها نقلت كمذيعة اخبار ومقدمة برامج في الاستديوهات الرئيسية بإمارة دبي ..
رحلة نجوميتها غير
منتهية لحين تصدر إسمها قوائم وجوه شاشات الإعلام الخارجي كسودانية ناقلة لمجريات مايحدث في السودان
جلسنا معها في الخرطوم ديلي محاورين في عدة قضايا ذات صلة بالإعلام ، الأحداث، خطورة الراهن ومشقة نقله كاملاً ..الأزمة السودانية تحليل وأبعاد ، الكارثة الإنسانية ، ولماذا باتت حرب السودان منسية ، زيادة على تصاعد خطاب العنصرية ، وإشتعال حرب المنصات بنيرانها ووقع افرازتها المتمثل في التخوين واتهامات عدم وطنية ، وإغتيال الشخصيات معنوياً ، حقيقية وجود الغرف الإعلامية، وتأثيرها، وخطورة تبعيات نظرية الكاهن والقطيع التي تفشت في عقول الأفراد والمجتمعات ، فضلاً عن قضايا ومواضيع أخرى ساخنة تتابعونها عبر مجريات هذا اللقاء .
حوار…علي أبوعركي .
المحتوى الإعلامي المطروح الان ، في نظرك هل يرقى نسبيا لعكس وقائع وأحداث ، متعلقة ( بكارثة حرب كاملة ) تهدد وجود الدولة السودانية ؟
إذا كنا نتحدث عن الإعلام المحلي قطعا لا يرتقي لمستوى تغطية كافة الأحداث بشقيه العسكري والمدني حتى الاعلام الرقمي المسلط من قبل الأفراد او الجماعات عبرالسوشيال ميديا، متأثر بتجاذبات كثيرة ، ويعيش حالة الاستقطاب الحادة، ومابين هذه التجاذبات ، ضاع
المتابع العادي متأثرا بحالة التناقضات ، فيما يعيش ويتابع يقع ضحية واقع أخبار كاذبة تمرر أجندة ، تهدف لجس نبض الرأي العام وغير ذلك من الأخبار غير الحقيقية
و مؤمرات .
أذا أمنا على وجهة نظرك ماخطورة هذه التجاذبات أو تمرير الأجندة على،الواقع العام ؟
هذه التجاذبات الحادة تحدث حالة من الدربكة والتوهان للمتلقي أو المواطن العادي، ، نتيجة تلقيه الكامل للمعلومة من السوشيال ميديا، التي تعاني في كثير، من حالتها على ضعف المصادر والفبركة ، وتأثيرها بالاجندات والرأي الشخصي كل هذا يؤثر ويتسبب في ضعف المعلومة وعكس الحقائق على أرض الواقع بمهنية ودقة ، وما تسبب في هذه السيطرة حالة الغياب للمنابر وأجهزة الإعلام الرسمي ، هذا الضعف تسبب في تشويش، وعدم رؤية كاملة للحقيقة مما أسهم لتوسع
مساحة لسوشيال ميديا، والتي تعاني بدورها من حدة الاستقطاب ، نسبة لتواجد كل الفصائل بها ( الأحزاب، الكيانات ) التي تعاني الأجندات وعدم الإحترافية لذا تجد
المواطن البسيط يعاني ويتعثر، في إدراك الحقائق ( مرة يصدق …ومرة لا ) ولايكتفي بذلك بل يسهم بدوره في نشر هذه الاخبار والتي هي في الأصل تفتقر لمعايير المهنية والمقاييس الواضحة لقياس الخبر الحقيقي من الخبر المزور، كما ذكرت .
أنتم كمؤ سسات وأجهزة أعلامية خارجية ، هل عانيتم من هذا التشويش الملتف حول حقائق الواقع على الأرض ؟
أعتقد آن حالة التوهان و معاناة الحصول على المعلومة لم تؤثر، فقط على الأفراد، حتى نحن في المؤسسات، نعاني منها نتيجة لعدم وجود التغطية الرسمية من منابر الدولة او الإعلام العسكري ، وإن وجد فإنه لا يتزامن مع سرعة الحدث ومواكبة مجرياته لذا تأثرنا نحن كمؤسسات إعلامية خارجية و بشدة ، ومصدر المعاناه أننا نبذل مجهودات مضنية لأجل لحقيقة خبر من عدمه.
كيف تعانون كقنوات خارجية وانتم تمتلكون مراسلين ومكاتب بالداخل ؟
نعم نمتلك مراسلين على الأرض ، ولدينا مكاتبنا بالداخل ولكن في ظل حرب ،واسعة مثل حرب السودان يبقى من الصعب جدا بأن تمتلك أي مؤسسة ،مراسل بكل مدينة، وفي كل قرية، هذا أمر غاية الصعوبة، لذلك التحقق من صحة الخبر من عدمه أمر مرهق وصعبة جدآ ، لذا دعني اصرح بآنه لايوجد إعلام يرقى لمستوى الحدث مع الأسف ، وآضيف أن الإعلام الخارجي يتفاعل مع الأحداث وفق خطة ، ورؤية محددة ، كل جهة تتعامل معاك ، وفق رؤية ، وحسب الدولة ومايحدث فيها، بمعنى أن هناك غرف أخبار ، معنية بنقل اخبار العالم أجمع ، يبقى نقل الحدث حسب الأولوية ، العالم مشتعل الان هناك ، اخبار عن امريكا ،روسيا ، كافة البلدان بها صراعات هذه المعطيات (ترفع و تنزل) من ديمومه اخبار السودان ، لان الشاشة واحدة بتعرض للعالم ، وهنا يمكننا القول أن ضعف الإعلام المحلي ، والذي لايساعد بشكل كامل في ترويج حقيقة مايحدث بالداخل ،أضعف من تناول الإعلام الخارجي ، وحتما لايستطيع مواكبتك ، لصعوبة ذلك .
*هل تلاحظين أنه وبالرغم من الانتهاكات الأزمات الانسانية الكبيرة، المتعلقة بالمجتمع المدني ، إلا ان التركيز ينحصر فقط على تسليط الصورة على طرفي الصراع لماذا ؟
فعلاً هذا هو الملاحظ ، في بداية الحرب ، التوثيق للأزمة الإنسانية ، ضعيف ، المآسي وما حدث ببداية الحرب بالخرطوم، المجازر والإنتهاكات ، التي وقعت بالجزيرة، الكوارث ، التي وقعت بكافة المدن والأقاليم التي طالتها الحرب ،لم يكن الإعلام إطلاقا كافياً في عرض الصورة التي تعكس أو تعرض حجم الماسأة الانسانية ، ضف على ذلك أزمة النزوح التي طالت الملايين ، عشرات الآلاف من الموتى ، بالرغم من أن تقارير الأمم المتحدة بدأت تظهر ، بأنها أكبر أزمة إنسانية موجودة في العالم ،لكن للأسف التقارير الرسمية للأمم المتحدة لم يتعامل معاها المجتمع بجدية ، آو حتى المهتمين بالشأن الإنساني و المنظمات، ولكن على سبيل التوعية للمجتمعات ومايحدث، ولكن على الجميع بالضرورة التوثيق ، عسى ان تحدث الفكرة رواجاً وتشكل رأي عام، وكذلك تلفت أنظار العالم بشكل أكبر لما يحدث من كارثة إنسانية ، يجب على الناس، ان توثق لذلك حتى تعالج ضعف التغطية الاعلامية ، وتنقل هذه الكارثة الإنسانية، بصورة أكبر ربما هذه طريقة يمكن ان تعكس المأساة الإنسانية التي تتعرض لها بلادنا وأهلنا بصورة أكثر وضوحاً للآخر
إن تم ذلك ماذا يمكن ان يحدث ؟
من المؤكد أن هذا سيزيد الضغط على كل الأطراف الداخلية والخارجية في أن تحاول سرعة ، حل الأزمة بالقدر الذي تمكنها من إظهاره للخارج .
وجدنا تعاطف وتضامن من العالم، إستطعنا ولو بالقليل أن نعكس مأسوية الانتهاكات ومايتعرض له السودان ولكن هذا لم يتجاوز 3 % من حقيقة مايحدث علي أرض الواقع .
بالتالي كل ما يتم تداوله عبر السوشيال ميديا أو أي وسائط اخرى يجد الضوء ، ويتم الاعتماد عليه ، واكرر أن ماخرج للمتابع والمهتم بسيط جدا من الكارثة الإنسانية التي يعيشها أهل السودان ، لذا أوافقك الرأي بأنه لا يوجد أي تسليط ضوء على المأساة الانسانية ، و أن النقل يتسلط على طرفي الصراع.
هل هناك خلل تسبب في هذا الاعوجاج ؟
نعم لأنني أعتقد أن الحرب تم تعريفها من بداية بطريق الخطأ أنها كانت مفاجئة للجميع ،بالرغم ان جزء كبير كان يتوقع حدوثها ، لكنه لم يتوقعها بهذا الصورة المدمرة فالتعريف لها كان خطأ، هي كانت حرب في حق المواطن السوداني قبل ان تكون حرب بين الجيش السوداني وفصيل عسكري كان ينطوي تحته ، حدثت أطماع وصراعات حول السلطة حول من يستحقها أو يكون ( رقم واحد ) في السودان، سواء أن حدث ذلك بصورة حقيقية، أو في موقع اتخاذ القرار ،
ضف على ذلك الردة التي حدثت بعد سقوط نظام البشير ، وما صاحبها من ربكة في شكل الخكم ، شكل المشهد فرض تساؤلات ،
كيف يكون الحكم ، عقد المشهد العام للسلطة ، التغيرات الكثيرة التي حدثت ، سواء على الوثيقة الدستورية أو على الحكومات التي جاءت بعد ذلك ، وشكل تقاسم السلطة ، مجمل هذه الأطماع والصراعات السلطوية .. كل هذاتسببت في الخلل والبلد تعيش وضع أقتصادي سيئ، بالرغم من الانتعاش البسيط الذي حدث لها و لم يتم التعامل معه بطريقة صحية بدوام الاستقرار
.
بفترة الحرب (تحول الترند الاسفيري) من شكله القديم المتعلق بمحتوى المنوعات ، تحول إلى سرعة من ينقل الحدث أو يتقط الصورة، وإن كان ذلك بشكل مخل او غير صحيح ،ما خطورة ذلك ؟
الخطورة كبيرة في إن لم ندرك وقع وتأثير ذلك يجب أن نوعى لإفرزاتها ، بمعني أنه من الضروري أن يحدث وعي عام، بأن ليس كل مايقال أو ينشر ، على الصفحات السبكية غير صحيح نسبة لحدة التجاذبات والتحليلات الشخصية
أقول ذلك بالرغم من أنني أرى بعض الشي، أن هناك وعيا
فجزء كبير بات مدرك ، ويعلم قوة ومصداقية المصادر والمنصات ويدري تصنيفاتها ، ويعرف من أين يأخذ الخبر وكذلك من كان يتجاوز ، بدأ يتفتح وعيه في ظل تجاذبات عالية حيث تدفقت صفحات السوشيل ميديا بالمنصات الموجهة لقيادة الرأي العام باتجاه معين، و المنصات الأخرى التي لايهمها سوى الترند بغض النظر عن ماذا تقدم ، هي فقط تعمل على كسبه ( سواء اكان سلبي أو إيجابي ) لذلك وبالرغم من هذا الوعي إلا أنه بسيط ، يجب علينا ان نقوم برفع نسبة الوعي حتى يحدث تأثيرا ، لأن هذه الأزمة التي تتصدرها المنصات ، بمثابة حرب أخرى لاتقل من حرب الواقع (حاجة صعبة جدا ) وقد تستغل سلبا بالذات في مثل حالة السودان ،
أنت ذكرتي إن عدم الوعي بخطورة المنصات ربما يستغل بشكل سلبي بالذات في حالة السودان كيف يمكن تحدث الخطورة ؟
الخطورة تكمن في أن المنصات تعاني من حالة إستقطاب شديدة ، صنعت حالة من عدم الوعي الكامل نسبة لعدم الإدراك بخلفية ماينشر، سواء أكان هذا حقيقياً او غير حقيقي، وعدم الإدراك بمضمون وماهية الخبر هل يحوي اجندة ، من وراءه ، أم لا ، ومالهدف منه
تمليك معلومة ، أم اثارة البلبلة والفتن .
تحري الدقة يعطي رسالة ايجابية ، لذا لابد للمتلقي ان يكون دقيقا ، وأن يفكر ولا ينقاد وراء الكلام المكتوب، أو الفيديو المنشور من الضروري أن يفكر كل شخص فينا،
كيف تحدث الدقة ، مقارنة بتدخلات المنابر و وانتشار أخبار التعبئة ؟
يحدث ذلك بان يكون المتلقي صاحب موقف فردي، مبني على تحليله للموقف وفق وعيه ، وأن يفرق بين بين الخبر ومنابره من اين نشره ، وما الهدف منه، هل الهدف تقديم الحقيقة المجردة ، أم هناك هدف اخر منه .
*هناك مسميات برزت في ساحة العامة مؤخراً كناقلى أحداث ومحللين لها ، ذو هوايات مجهولة او مهن لاصلة لها بجانب النشر أو التحليل، تم تصنيفهم بأنهم دون إلمام أو علم بإبجديات وأسس المهنة ، ما أثر ذلك على المتلقي أو الجمهور ؟
السوشيال ميديا أكدت لي (مفهوم عندي قديم ) قد يختلف كثيرون معي فيه أو قد يروا انه مخل ب(مهنة) الإعلام .
بالنسبة لي الاعلام ليس مهنة ، الإعلام صفة بشرية
موجودة بكل بني آدم ، وأن أول جهاز إعلامي خلق بالدنيا يخيل لي أنه البني آدم نفسه، يرسل ويستقبل ، (يرسل طريق حواسه حديثه ، واشاراته وعلامات الجسد أو لغة الجسد، وكل موصلات الإحساس والتأثير ، ويستقبل من الشخص الذي امامه ويتفاعل عن طريق حواسه، لذا اعتقد أول جهاز أو آلة اعلامية هو الانسان نفسه ينقل الخبر ، تطورت هذه الحاسة من الانسان كأداة الى أن اصبحت هناك أدوات أخرى مثل التلفزيون الراديو، الآن أجهزة المحمول تمتلكها بيدك ، تستطيع عبرها ان تنشئ صفحة على مواقع التواصل المتعددة فيس بوك أو تويتر تكتب ما تشاء وتنقل ما تشاء، لاكبر عدد ممكن ،سوا أكنت معهم وجها لوجه أو غير ذلك ، المهم انك اصبحت تنقل للآلاف بل الملايين في لحظة واحدة
ربما لكنك لم تجيبي بشكل واضح على المحور ؟
بالنسبة لي مايحدث الآن هو الطبيعي ، يمتهن اخرون الاعلام كمهنة، الآن هم موجودين وبرزوا ، منهم الناجح والذي يمتلك المصداقية ومنهم ما دون ذلك، من نجح وأثبت تفاعله لانستطيع بأن ننكر وجوده ،وياتي بعد ذلك الاختبار المفصلي وهو ( من يستطيع ان يستمر ومن يستطيع ان يجود ومن يستطيع ان يقدم نفسه ويصبح جاذبا للآخر ويستقطب أكبر عدد للمتابعين والمشاهدين، ويحافظ على الترند بإستمرار هذا تغلب عليه الصفة الاعلامية بصورة كبيرة وبكون مهني ،
و انا ارى ان حدوث ذلك يعود الى التطور الطبيعي ، تطور دنيا و عوالم الاتصالات والتواصل والإعلام والنشر بالتالي امر طبيعي بأن يكون لدينا منتسبين من خارج القبيلة التقليدية المعروفة والمتعارف عليها
حسب الملاحظة والتدقيق نلحظ أن هناك قلة بالمراسلين الميدانين رغماً عن طول امد الحرب المشتعلة والتي تجاوزت العامين ؟
يعود ذلك لصعوبة ومشقة المجال، تحديداً شغل المراسل الميداني في بلد حروب ، يكاد يكون من أصعب المهمات أو المهن التي يمكن للشخص ان يقوم بها، هذا يتطلب مهارات كثيرة جدا ، الى جانب مهارات الصحافة العادية ، يتطلب مهارات اخرى ، تتمثل في ان يكون ملما وذو شجاعة بأن يدرك كيف يتعامل مع الوضع الاستثنائي،
و كيف يستطيع ان يحمي نفسه ، كيف يستطيع أن يصل للمعلومة، والوصول لمكان الحدث، لتصويره أو تغطيته وأيضاً كيف تتمكن من الوصول للمعلومة من المسؤولين وطبعا وضع الحرب وضع استثنائي ، وفيه خطر على حياة العاملين في المجال الاعلامي، الميدانيين تحديدا ،ويتطلب مهارات اضافية تحديدا المراسل الحربي ، في كورسات معينة لازم يدرسها ،مهارات معينة لازم يتعلمها في تأمين نفسه في تأمين الطاقم ،هو امر غير سهل لذلك من الصعب على اي إعلامي أو صحفي العمل في ظل هذا الوضع الاستثنائي، لكن أنا اختلف معك في امر القلة المجال ماشاءالله على الرغم من ان قبل الحرب او الثورة تحديدا، لم يكن هناك مراسلين كثر يشغلون هذا المجال خاصة السيدات داخل السودان.
.
اعود بالذاكرة لوقت مضى عندما بدأت العمل بالفرنسية24، كمراسلة ، فلم تكن هناك مراسلات إخباريات ميدانيات تقريبا ، وإن وجدن قد يكن بعمل المنوعات ، كنت أعمل وحدي، بعد ذلك دخل المجال زملاء عديدون بشكل عمومي ( رجال ونساء ) لكن النساء نسبتهن زادت ، بمرور السنين .
كان ذلك بالعام 2014م حين بدأت مجال المراسلة، حتى العام 2018م ، والذي تزامن مع قيام الثورة فزادت العددية بصورة أكبر ،وحاليا ازداد العدد بصورة كبيرة مقارنة بوضع البلد فعدد المراسلين في إزدياد .
كما ألاحظ قوة مهاراتهم وقدراتهم، فبهم مواهب عالية ظهرت فجأة، ربما كانوا قبل ذلك ، بعيدين عن العمل الميداني لكن في توقيت ضيق ومدة بسيطة ، وبالأخص فترة أيام الحرب برزوا وظهروا بصورة مشرفة جداً لأي سوداني
هم كثر الآن ولا أود ان اذكر آسماء ، لأنهم في رأيي جميعهم موهوبين وشطار ،بالأخص العاملين بميدان الأحداث ،لذلك ارى أنه بالعكس ( الحكاية ماشة كويس)
.
أيضاً من الملفت بالوقت الحالي ظاهرة تقديس الأشخاص
والشخصيات لدرجة مريبة أكثر من الاهتمام بالقضية نفسها مالذي،يحدث ؟
تعليقي على قدسية الأشخاص اكثر من الواقع والراهن العام ، هذه اسوأ حاجة و اسوأ نموذج، و الأسوأ ان ذلك أصبح كثيرا للغاية ،لا يسعني وصف ذلك بانه اسوأ عادة أصابت مجتمعنا ، فلايجب أن نقدس الأشخاص على حساب القضايا والوطن لهذا الحد نحن في حرب
مهما يكن دور المسؤول مقدرا أو أي شخص إن كان قائداً عسكريا، او مسؤول مدني، أو ناشط على السوشيال ميديا (بلوغر ، انفلوانسر، فنان) النماذج كثيرة, هذا التقديس امر سئ ، و أن تتعامل مع شخص وكأنه إله
أو أكثر من نصف إله ، وافتراض أنه لا يخطئ و أن قوله وفعله على الدوام هو الصحيح ، وهو الصائب ، دون تفكير في الموضوع ، هذه كارثة كبيرة، هذا التقديس هو الذي أوردنا موضع الهلاك، بكل صراحة وضع أن نعطي الشخصيات أكبر من حجمها، حتما ينعكس على الشخصية المعنية، بسوء يدخله في قالب فرعوني ، يفعل بنا الأفاعيل ويلعب بنا كمايشاء، لشعوره أنه مرفوع عنه القلم ، ولا يحق لشخص كان من يكون ان يحاسبه ،أو يسأل ويستفسر
،لماذا يحصل هذا إن لم نخرج من هذا المربع ،نحن كعقل جمعي سوداني، لن نرى خير بالمناسبة، لأنه يفترض أن يكون تقديرنا، لمن يعطي لهذا الوطن، ولمن يستطيع قيادتنا إلى بر الأمان ، تقديرنا لمن يوقف هذه الحرب ،وتقديرنا لمن يساهم في تنمية ورفاهية المجتمع السوداني ، تقديرنا يكون للشخصيات القومية التي يعنيها شان الوطن، بكل اختلافاته وكل مشاربه ،وبكل خلافاته، هذا هو التقدير الحقيقي الذي يجب أن يحدث ، وهذا هو النموذج الذي يفترض عليه أن يكون موجودا، والذي يجب أن تلتف الجماهير من حوله ، جمعينا بشر وجميعنا خطأون لايوجد فرد منا معصوم من الخطا ، كان من يكون ، من يصيب ،ومن يقدم للناس نشكره، ونشد من أزره وندعمه وندفعه إلى الامام، حتى يعطينا أكثر ويقود المجتمع نموذج طيب، من دون ذلك المفروض نواجهه بصورة مباشرة، أنه لايصح إلا الصحيح ( في واحد اثنين ثلاثة)
نفرض عليه تساؤلاتنا ؟؟؟؟؟ ما تبريرك لهذا ،كان من يكن وبذلك نحن بنقدر نمشي إلى الامام، لأنه مالم يتم تشخيص المرض و الاعتراف به، ومحاولة معالجته نحن لن نمش للامام.
هناك إنتشار كبير و تفشي لخطاب العنصرية ، والتخوين وفرض الإتهامات بعدم الوطنية ، هل عانيتي من ذلك
،وما احساسك نحو هذا الظاهرة بشكل عام ؟
طبعا عانيت من ذلك وللأسف هذه معاناة يعيشها كثيرون الآن بات من السهل جداً تلفيق مثل هذه الاتهامات الجزاف ، يتم إتهام الآخر بكل بساطة حتى دون أي أسباب منطقية ، في لمحة من الزمن يتم تخوينه، ويطعن في وطنيته حتى أيضاً تصدر عليه أحكام ، فما بالك عندما تكون تعمل في المجال الإعلامي، مصدر وناقل للأخبار
أنا شخصيا أواجه هذا بصورة مكثفة جدا ،
وتحديداً اثناء هذه الحرب ، في اليوم الواحد يتم تصنيفي ألف مرة ( مرة بلبوسية) و(مرة لا للحرب) هذه التصنيفات الغريبة الدارجة ، (مرة قحاتية ومرة كوزة) ومرة (دعامية كلو بواجه به) ، لكن عندما تتعرض لذلك كثيراً لهذه الاتهامات ، (تجد أن التعامل معاها، يكون أهون نوعا ما من غيرك )
أقول هذا بالرغم من أن هذا الأمر ( قاسي لكل شخص ) و تحديداً عندما ترمى (بالتخوين والاتهامات في وطنك) وحتى وإن كانت غير ذلك، تكون الاتهامات أشد قسوة ولكن مايرضى نفسك بعض الشى، تجد أن هناك آخرون يؤمنون بك ويحفظون لك الاحترام ، مجتمع قادر على التعامل معك بطريقة ممتازة ،
ما الذي أسهم في تفشي وانتشار ذلك؟
دعينا أقول لك للأسف نحن مجتمع نعاني مشاكل كثيرة تجد معظمنا ( يسمع ولا يعقل ويتأثر، يتأثر هو ويؤثر فينا، عبر الآراء تسهل قيادتنا ، وعفوا إني قلت لك هذا المصطلح (قطيعي) عندنا روح القطيع، التفكير جمعي عندنا مافردي وهذا الشي لابد من تغييره بأن الشخص يأخذ المعلومة ويكون رد فعله عليها فردي وتابع من قناعاته وان يكون ذلك دون تأثير خارجي، أن يفكر فيها ويدرس المعطيات التي أمامه، يحللها بصورة منطقية أمينة بينه وبين نفسه ، هنا من المؤكد أنه سيصل الى استنتاج عادل في النهاية، هذا ما ينقصنا ونحتاج له بشدة ( يجب ان يحدث ذلك حتى نتخلص من اسلوب القطيع يجب أن يحدث ذلك للمجتمع عموماً ولا استثني نفسي من الناس أنا أيضاً احتاج لذلك )
أنت كشخصية ترتكز على إرث معرفي، وتحليل ثاقب لبيانات المتعلقة بالأحداث , ماخطورة نظرية الكاهن والقطيع في التلقين والتشفير ؟
_ هي نظرية خطيرة جدآ بالذات ،في زمن الأزمات، أو عموماً لأنها تسلب الجمع حق التفكير المنفرد وحق الإبداع ، بمعنى انك تكون فقط مجرد فرد في قالب ويتم إستخدامك (سواقتك) من مكان لمكان ومن طريقة تفكير لطريقة تفكير ، ومن رد فعل لرد فعل، دون أن تشعر أو تعترض ، أو حتى دون أن تفكر ،هذا الامر في ظل الذي يحدث ( خطر للغاية ) نسبة لحالة الاستقطاب الشديدة ،يمكن لأي شخص أن يكون، متحدث جيد لديه حضور يستطيع أن يدخل للناس من اماكن اهتماماتها ومن مكان هواجسها وأماكن تخوفاتها.. أن يخترقها عبر رسائل غير حقيقية ويزعم بأنه مصدر المعلومة ،
بالتالي يقتاد وراءه هذا الجمع الكبير من الناس، هذه النظرية عندما تتطبق بنموذج إيجابي بمعنى أن تكون قدوة هذا جيد .. مثلا في زمن الحرب يمكن أن تكون القدوة الايجابية
ممكن نقول التكايا، وفعل الخير، هنا تجد شخصاً ما قام بفكرة أو طريقة مفيدة في مساعدة لغيره وتوسعت الفكرة وأخذت حيزاً من الانتشار هنا تكون الفكرة إيجابية لأن ذلك
النجاح تبدى عليه مبادرات ، وتتوسع لتشمل توسع سواء بفعل مشروع أو تكايا اخرى هنا يكون النموذج الإيجابي، أما النموذج السلبي أنك تقود هذه المجموعة لشقاق أو تقوم بتحريضهم أو تبرمجهم على معلومات خاطئة بالتالي يكون لديهم رد فعل مغاير للحقيقة ، للأسف هذا الذي يكون سائدا في وقت الاستقطاب الشديد، ووقت الحروب بالاجندات (وكل زول يريد أن يكبر كومه وكل زول يريد أن يوضح أن لديه قاعدة أكبر ،وكل واحد يريد أن يستعرض عضلاته بجيشه) ومن هنا جاءت مفاهيم الجيوش التي اصبحنا نسمعها كثيراً (يقولوا ليك جيش فلان وجيش علان ،جيش الكاهن، جيش الانصرافي، جيش إكس واي زد ) وهذه هي النقطة السلبية التي تضع البني آدم في قالب وتستغله من خلفك ، هذا القالب لايوجد به تعليم أو امتلاك مهارات جديدة ولايحوى قالبه توعية أو معلومات أو حتى تثقيف، لمن يكون قائدا.. لتذهب به الخانة التي تريد أن يجلس عليها هذه مسألة سلبية شديد بالنسبة لي.